كيف يمكنك تجسيد العاطفة؟ فن وعلم تصوير اللقطات الإنسانية (البورتريه)

  • الرئيسية
  • التصوير
  • كيف يمكنك تجسيد العاطفة؟ فن وعلم تصوير اللقطات الإنسانية (البورتريه)

إذا كنت ترغب بتصوير الصور الشخصية (البورتريه) فأنت بحاجة إلى أكثر من المهارات الفنية، لأن تصوير البورتريه يعتبر شكل خاص من أشكال الفن الذي يجسد جوهر شخصية الإنسان وعواطفه، ولكن..

هل تساءلت عن التقنيات المختلفة التي يستخدمها مصورو البورتريه لاستحضار وتصوير مشاعر الشخصيات التي أمامهم؟

فمن خلال الدراسات الدقيقة للعناصر كالإضاءة والتكوين والتفاعل بين المصور والشخصية، تم التوصل إلى آليات دمج هذه العناصر لإنشاء صور جذابة بصرياً وغنية بالعمق العاطفي، وكأنها قطعة فنية شخصية مفعمة بالذكريات.

 

  • للذكاء الاصطناعي دور اساسي في تصوير البورتريه:

يؤثر الذكاء العاطفي للمصور على كيفية تفاعله مع الشخصية، وتحديد أجواء جلسة التصوير ومساعدة الهدف على الشعور بالراحة، وهو أمر ضروري لالتقاط التعبيرات والحالات المزاجية الحقيقية، ولهذا السبب يستخدم المصورون المحترفون قدراتهم الذهنية والنفسية لإدراك وفهم وإدارة عواطف ومشاعر موضوعاتهم لإنشاء صور أعمق وأكثر تأثيراً.يتصاعد المصورون ذوو الخبرة على سلم العاطفة ويتنوعون بإيقاعاتها خلال جلسة التصوير الواحدة، وبذلك يضمنون أن تكون شخصية الهدف وعواطفه في مقدمة كل لقطة، ومن خلال هذا الأسلوب يخلقون أجواء مريحة وبيئة تعاونية، ويتمكنون من توجيه الجلسة نحو التقاط اللحظات الأكثر تعبيراً وإفصاحاً، ولا ينظر المصور عبر العدسة لتحديد موقع وأبعاد الشخصية بمهارة فنية، وإنما يحاول أن يبرز ما يراه من خلال عدسة مصقولة عاطفياً أحاسيس الناس وعميق ذواتهم الأكثر أصالة.

  • التقنيات الفنية لتصوير البورتريه

وطالما أن تصوير البورتريه يعتبر من أنواع التصوير المتقدمة، فلا بد للمصور من إتقان الأصول التقنية لهذا النمط والتي تمكنه من التقاط شخصية الهدف وعواطفه بدقة، فمعرفة الاختيار المناسب لإعدادات الكاميرا مثل فتحة العدسة وسرعة الغالق والأيزو ISO يعتبر أمراً أساسياً، فعلى سبيل المثال، تعمل فتحة العدسة الواسعة (المدى البؤري المنخفض) على إنشاء عمق ضئيل للمجال، الذي يركز على الهدف ويترك ضبابية في الخلفية بشكل فني، وهو ما يساهم في إبراز تعبيرات الهدف وحالته المزاجية، وبخلاف ذلك، يضيف تبطيء سرعة الغالق لمحةً من الحركة، وإحساساً بالديناميكية إلى الصورة.كما لاختيار العدسة تأثيراً هاماً بنفس الوقت، فغالباً ما يفضل مصورو البورتريه العدسات التي توفر منظوراً جذاباً وتضغط الملامح قليلاً، مثل العدسات الأساسية 85 مم أو 105 مم، والتي تعمل على تقليل العيوب والتركيز بشكل وثيق على الهدف، فتبرز ملامح الوجه وتسمح لمشاعر الفرد بالتعبير الواضح.وعلى جانب آخر تعتبر الإضاءة أحد العناصر الأساسية، بحيث تستطيع تغيير الحالة المزاجية ومستوى الشعور بالصورة بقدر كبير، فبينما تعطي الإضاءة الناعمة والموزعة إحساساً بالدفء واللطف، في حين أن الإضاءة القاسية والمباشرة يمكن أن تخلق تناقضات درامية تكشف عن مشاهد عاطفية أعمق وأكثر كثافة، وتتضمن إعدادات الإضاءة الرئيسية إضاءة الفراشة، حيث يتم وضع الضوء الرئيسي في الأعلى موجهاً للأسفل على وجه الهدف، ليعطي ظلاً درامياً تحت الأنف والذقن يشبه الفراشة، تعتبر هذه الإضاءة مثالية لتسليط الضوء على الخدين والعينين بمظهر ساحر، أما إضاءة رمبرانت التي تنتج عن إضاءة نصف وجه الهدف بالكامل، بينما يكون النصف الآخر في ظل جزئي، تاركاً مثلث صغير مقلوب من الضوء أسفل عين الشخص وعلى طول الخد، لتنتج إحساساً أكثر دراماتيكية ودافعاً للتأمل.

  • التكوين والتمركز

يقوم التكوين بخدمة تصوير البورتريه كأنه إطار يبرز شخصية الهدف ويسلط الضوء على أفضل ميزاته، ويؤدي التمركز الفعال إلى الكشف عن سلوكه ومشاعره، سواء من خلال لقطة صريحة تلتقط ضحكة حقيقية أو صورة ثابتة مفعمة بالثقة، يتم اعتماد الاعتبارات الأساسية في التركيب مثل قاعدة الثلث، والخطوط الرئيسية، واستخدام المساحات السلبية، لتركيز انتباه المشاهد على الموضوع، وبالتالي جعل التعبير العاطفي هو النقطة المركزية في الصورة.

وللتمركز أيضاً نفس القدر من الأهمية، فلا بد أن يبدو طبيعياً ويُظهر راحة الشخص وتعبيره عن نفسه، ولا غنى عن توجيهات المصور في هذا الصدد، حيث يمكن لبعض التعديلات البسيطة (مثل زاوية الرأس، أو وضع اليدين، أو اتجاه النظر) أن تغير تعابير الصورة بشكل كبير، وهنا يجب أن نؤكد على قدرة المصور بخلق جو مريح وتلقائي عند التقاط التعابير الحقيقية الغنية بالمشاعر.

  • المحيط والخلفية لا تملأ المساحة للشخصية فقط!!

إنها جزء أساسي من سياق القصة التي يتم سردها، سواء كان التصوير في استوديو مع كامل التحكم أو في بيئة خارجية متنوعة، فإن الاهتمام بخلفية الصورة سينعكس على نمط حياة الهدف أو اهتماماته أو شخصيته، على سبيل المثال، قد تبوح خلفية تعج بالألوان عن شخصية انتقائية نابضة بالحياة، في حين أن الخلفية المطلقة والبسيطة قد تؤكد على الطبيعة الكامنة والتأملية للشخص.

ولا يتضمن اختيار المحيط المناسبة أسباب جمالية فقط، وإنما يتضمن النبرة العاطفية التي يرغب المصور في إيصالها، فبينما توفر الأجواء الطبيعية أحاسيس فطرية مريحة، تحفز الأجواء العصرية إحساساً جريئاً ومثيراً بنفس الوقت، وفي جميع الحالات يجب أن تكون البيئة مكملة للموضوع، بحيث تضيف عمقاً إلى الشخصية دون أن تطغى على وجوده.

  • أخلاقيات التنقيح والمعالجة

يعد التنقيح الدقيق الذي يحترم ميزات الشخصية وسلامة صفاتها مثل (إزالة العيوب المؤقتة أو ضبط عيوب الإضاءة) أمراً مقبولًا بشكل عام ويمكن أن يساعد في تحسين المظهر العام للصورة النهائية، كما قد تؤدي المعالجة باستخدام تقنيات تدرج الألوان والتركيز الانتقائي وتعديلات التعريض زيادة التأثير لمزاجية الصورة، ولكن رغم ذلك، تعطى الاعتبارات الأخلاقية أهمية قصوى، فلا يجوز بأي ظرف من الظروف اللجوء إلى تغيير جوهر الشخصية إلى درجة التحريف.يتجلى فن التصوير الفوتوغرافي للبورتريه في قدرته على التقاط جوهر الشخص من خلال مزيج من المهارة والرؤية الفنية مع البصيرة الوجدانية والنفسية، فكل صورة هي عبارة عن إبداع مشترك يعكس المزايا الفريدة والعمق العاطفي للإنسان، فمن خلال هذا التفاعل المثير بين المصور والشخصية تتجسد مشاهد طبيعية للعاطفة الغنية التي توصف التجربة الإنسانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
rotate_right
إغلاق

أرسل رسالة

image
إغلاق

My favorites

image
الإشعارات visibility rotate_right مسح الكل إغلاق close
image
image
arrow_left
arrow_right